الضغط الإنساني .. صور لا تُغفلها العواصم

سلسبيل شريف
خارج غرف التفاوض، تبدو غزة كمدينة تئنّ تحت الركام. شوارع كانت مزدحمة بالمحال والمارة، تحوّلت إلى مسارات ترابية تحفّها الجدران المهدّمة. في مستشفى الشفاء، أطباء يعملون في ممرات ضيقة على ضوء مولد كهربائي، بينما يقف عشرات الأطفال في طابور طويل عند صهريج مياه متنقل.
تقارير الأمم المتحدة وصفت الوضع بأنه “انهيار شبه كامل للبنية التحتية”، فيما حذّرت الأونروا من “كارثة وجودية” تطال أكثر من مليوني إنسان. هذه الصور تضع الوسطاء تحت ضغط متزايد، لكنها أيضًا تعكس المأساة التي لا تستطيع لغة الأرقام وحدها أن تصفها.
جولات مكوكية… ووعود لا تكتمل
من الدوحة إلى القاهرة، تحط الوفود في فنادق وقاعات اجتماعات محاطة بإجراءات أمنية مشددة. مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، شارك شخصيًا في أكثر من جولة، في مؤشر على ثقل الدور الأميركي. ومع ذلك، حتى التفاهمات الجزئية — مثل إطلاق دفعات صغيرة من الأسرى مقابل أيام هدوء — غالبًا ما تتوقف عند العقبة التالية قبل أن تتحول إلى اختراق حقيقي.
المشهد الإقليمي… ظل الحرب الممتد
الصراع في غزة لا يعيش في عزلة. على الحدود الشمالية، تتبادل إسرائيل وحزب الله الضربات، فيما تتسارع وتيرة الاغتيالات التي تطال قيادات فلسطينية في الخارج. في الخلفية، يلوح الحضور الإيراني كعامل لا يمكن تجاهله، ما يجعل أي اتفاق في غزة مرتبطًا بميزان أوسع من مجرد حدود القطاع.
خاتمة: بين الحرب والسلام… مسافة تفاوض
ما يجري في كواليس الوساطة يكشف أن وقف إطلاق النار ليس قرارًا يُكتب في بيان، بل هو مسار معقد تشده خيوط السياسة والأمن والتاريخ. وحتى الآن، لم يبدُ أن الأطراف مستعدة للتنازل عن خطوطها الحمراء. غزة تظل معلقة على جسر تفاوض لم يكتمل، يربط بين حرب أنهكت الجميع، وسلام ينتظر من يملك الشجاعة لعبوره.